توثيق 135 حالة.. تصاعد حالات الانتحار بين ضحايا الاغتصاب في السودان
توثيق 135 حالة.. تصاعد حالات الانتحار بين ضحايا الاغتصاب في السودان
أعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان توثيق انتحار 135 امرأة تعرّضن للاغتصاب في أعقاب الحرب التي اندلعت في البلاد بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، وذلك ضمن سلسلة تقارير صادمة توثق الانتهاكات الجنسية المتزايدة في مناطق النزاع.
وأفادت أخصائية الباطنية والأوبئة في فرعية أم درمان التابعة للجنة التمهيدية، الطبيبة أديبة إبراهيم السيد، لموقع "سودان تربيون"، الثلاثاء، أن هذه الحصيلة المروّعة تم توثيقها من قبل لجان طبية ميدانية،
وأشارت أديبة، إلى أن أسباب الانتحار تعود إلى ما وصفته بـ"الثقل الاجتماعي المدمر" الذي يتحمله الضحايا، ويتجسد في الخوف من وصمة العار، وانعدام التعاطف، وتخلي بعض العائلات عن بناتهن بعد الاعتداء.
أرقام مفزعة
وكشفت اللجنة أن عدد حالات الاغتصاب الموثقة منذ اندلاع الحرب وحتى يوليو الجاري بلغ 679 حالة، أغلبها تم ارتكابها من قِبل عناصر من قوات الدعم السريع، بناءً على إفادات مباشرة من الضحايا، فيما تم تسجيل 256 حالة اغتصاب ضد أطفال تراوحت أعمارهم ما بين 5 و16 عامًا.
وأشارت اللجنة إلى أن هذه الإحصاءات لا تمثل سوى جزء يسير من الواقع، نظراً لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق واستمرار النزوح وانهيار البنية التحتية الصحية.
وسلطت الطبيبة أديبة الضوء على الأبعاد النفسية والاجتماعية الكارثية لهذه الانتهاكات، موضحة أن غياب برامج الدعم النفسي والعلاج المجتمعي أسهم بشكل مباشر في زيادة معدلات الانتحار بين النساء والفتيات، إذ وجدت الضحايا أنفسهن محاصرات بالعار والتجريم المجتمعي بدلًا من الرعاية والتضامن.
غياب الدعم الرسمي
وأشارت مصادر طبية وإنسانية إلى غياب كامل لأي تحرك رسمي أو إجراءات وقائية أو علاجية من قبل السلطات السودانية لمواجهة هذه الكارثة المتصاعدة، في وقت تزداد فيه أعداد النازحين، وتتدهور الأوضاع في مناطق واسعة، وسط انهيار المنظومة القضائية وتعطل مؤسسات الحماية.
ودعت اللجنة التمهيدية الهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والمرأة كافة، وعلى رأسها الأمم المتحدة، إلى التدخل العاجل من أجل توفير الحماية للنساء والأطفال، وفتح تحقيق دولي في الجرائم المرتكبة، ومحاسبة المسؤولين عنها، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للناجيات.
يأتي هذا التقرير الحقوقي في سياق النزاع الدامي الذي اندلع في أبريل 2023 في السودان، بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والذي أسفر عن مقتل الآلاف ونزوح الملايين وتفشي الجوع والانهيار الأمني والصحي، وسط اتهامات متزايدة لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ممنهجة ضد المدنيين، بينها الاغتصاب والتطهير العرقي والنهب الجماعي، خاصة في دارفور وولايات الخرطوم الكبرى.
وفي غياب المساءلة وانعدام الأمان، تتحول أجساد النساء والفتيات في السودان إلى ساحات معارك صامتة، وتبقى أرقام الضحايا، مهما تصاعدت، نداءً مستمرًا للمجتمع الدولي لوقف هذه المأساة الإنسانية التي تتم على مرأى العالم ووسط صمت مريب.